فصل: باب السين مع الحاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف السين

 باب السين مع الهمزة

‏{‏سأب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المَبْعث <فأخذَ جِبريلُ بحلْقى فسأَبني حتى أجْهَشْتُ بالبَكاء> السَّأْب‏:‏ العَصْر في الحَلْق، كالخَنق‏.‏

‏{‏سأر‏}‏ * فيه <إذا شرِبتم فأسْئروا> أي أبْقُوا منه بقيَّةً‏.‏ والاسمُ السُّؤُر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الفضل بن العباس <لا أُوثِرُ بسُؤرِك أحَداً> أي لا أتْرُكه لأحَدٍ غيري‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فما أسْأرُوا منه شيئاً> ويُسْتعمل في الطَّعام والشَّراب وغيرهما‏.‏

ومنه الحديث <فَضلُ عائشة على النِّساء كَفَضْل الثَّريد على سَائر الطَّعامِ> أي باقيه‏.‏ والسائرُ مهموزٌ‏:‏ الباقي‏.‏ والناسُ يَسْتَعْمِلُونه في مَعْنى الجميع، وليس بصَحيح‏.‏ وقد تكرَّرت هذه اللَّفظة في الحديث، وكُلّها بمعنى باقي الشيء‏.‏

‏{‏ساسم‏}‏ * في وصيته لعيّاش بن أبي ربيعة <والأسْودُ البَهِيم كأنَّه من ساسَمٍ> السَّاسَم‏:‏ شجرٌ أسْودُ، وقيل هو الآبِنُوس‏.‏

‏{‏سأف‏}‏ * في حديث المبعث <فإذا المَلك الذي جَاءنِى بحِراء فسَئِفْتُ منه> أي فَزِعْت، هكذا جاء في بعض الرّوايات‏.‏

‏{‏سأل‏}‏ * فيه <للسَّائل حقٌ وإنْ جاءَ على فَرَس> السائِلُ‏:‏ الطَّاِبُ‏.‏ مَعناه الأمرُ بحُسن الظَّن بالسَّائل إذا تعرَّض لك، وأن لا تَجْبَهَه بالتَّكذيب والرَّدِّ مع إمْكانِ الصِّدْق‏:‏ أي لا تُخَيّب السَّائِل وإن رابك منْظَرُه وجَاء رَاكباً على فَرَس، فإنَّه قد يكونُ له فرسٌ ووراءهُ عائلةٌ أو دّين يجوزُ معه أخذ الصَّدَقة، أو يكون من الغُزَاة، أو من الغَارِمين وله في الصَّدقة سَهْم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أعظَمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من سأَلَ عن أمر لم يحرَّم، فحرِّم على النَّاس من أجْل مَسْألته> السؤالُ في كتاب اللّه والحديث نوعَانِ‏:‏ أحدُهُما ما كان على وجْهِ التَّبْيِين والتَّعلُّم ممَّا تَمَسُّ الحاجةُ إليه، فهو مُباَحٌ، أو مندُوبٌ، أو مأمورٌ به، والآخر ما كانَ على طَريق التَّكلُّف والتعنُّت، فهو مكرُوه، ومَنْهىٌّ عنه‏.‏ فكُلّ ما كان من هذا الوَجْه ووقع السكوتُ عن جَوَابه فإنما هُو رَدْع وزَجْر للسَّائل، وإن وقَعَ الجَوابُ عنه فهو عُقُوبَةٌ وتغليظٌ‏.‏

ومنه الحديث <أنه نهى عن كَثْرة السُّؤَال> قيل هو من هذا‏.‏ وقيل هو سُؤَالُ الناس أمْوالَهُم من غير حاجَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث الآخر <أنه كَرِه المَسائل وعابَها> أرادَ المسائل الدَّقِيقة التي لا يُحْتاج إليها‏.‏

ومنه حديث المُلاَعَنَة <لَّما سأَله عاصم عن أمْرِ من يَجِدُ مع أهْلِه رجُلاً، فأظْهَر النبيىُّ صلى اللّه عليه وسلم الكراهَة في ذلك> إيثاراً لسَتْر العَوْرة وكراهة لهْتك الحُرْمة، وقد تكرر ذكرُ السُّؤال والمساَئِل وذمّها في الحديث‏.‏

‏{‏سئم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إن اللّه لا يَسْأَمُ حتى تَسْأمُوا> هذا مِثْل قوله <لا يَملُّ حتى تَمَلُّوا> وهو الرِّواية المشهُورة‏.‏ والسّآمة‏:‏ الملَلُ والَّجَرُ‏.‏ يقال‏:‏ سَئم يسأمُ سأَماً وسَآمةً، وسيَجىءُ معنى الحديث مُبينا في حَرْف الميم‏.‏

ومنه حديث أم زَرْع <زَوجي كلَيلِ تِهاَمة، لا حَرٌّ ولا قُرٌّ، ولا سَآمَة> أي أنه طَلْق مُعْتَدِل في خُلُوِّة من أنواع الأذَى والمكرُوه بالحرِّ والبرد والضَّجَر‏:‏ أي لا يضْجَرُ مِنِّى فيَملَّ صُحْبتي‏.‏

وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <أن اليَهود دَخَلُوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: السَّأْمُ عليكم، فقالت عائشةُ. عليكم السَّأْم والذَّأْمُ واللَّعنةُ> هكذا جاء في رواية مهْمُوزاً من السَّأْم، ومعناه أنكم تَسْأَمُون ديَنكم‏.‏ والمشهورُ فيه تَرْك الهْمز، ويَعْنُون به الموتَ‏.‏ وسيجىء في المُعْتَلِّ‏.‏

 باب السين مع الباء

‏{‏سبأ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <إنه دَعا بالجِفَان فسَبَأ الشَراب فيها> يُقالُ‏:‏ سَبَأتُ الخمر أسْبؤُها سَبْئاً وَسِباَء‏:‏ اشْتَرَيْتها‏.‏ والسَّبيئةُ‏:‏ الخمْر‏.‏ قال أبو مُوسى‏:‏ المعنى في الحديث فيما قيل‏:‏ جَمَعها وخَبَأها‏.‏

وفيه ذكر <سَبَأ> وهو اسمُ مَدِينة بلقيسَ باليَمن‏.‏ وقيل هو اسمُ رجُل وَلَد عامَّة قَبَائل اليَمن‏.‏ وكذا جاء مفسَّرا في الحديث‏.‏ وسُمِّيت المدينة به‏.‏

‏{‏سبب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كُلُّ سَبَب ونَسَب ينقَطِع إلاَّ سَبَبي ونَسَبِي> النَّسب بالولاَدَة والسَّبَبُ بالزَّواج‏.‏ وأصْلُه من السَّبَب، وهو الحَبْل الذي يُتوصَّل به إلى الماءِ، ثم استُعِير لكلِّ ما يُتَوصَّل به إلى شَىءٍ، كقوله تعالى <وتقطَّعَت بهمُ الأسّبابُ> أي الوُصّل والمودَّاتُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عُقْبة <وإن كان رِزْقُه في الأسْبَاب> أي في طُرُق السَّماء وأبْوابها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث عَوف بن مالك <أنه رَأَى في المَنام كأن سبباً دُلَى من السماء> أي حَبْلاً‏.‏ وقيل لا يُسَمى الحبْل سبباً حتى يكون أحدُ طَرَفَيه معلَّقاً بالسَّقْف أو نحوه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ليس في السُّبوب زكاةٌ> هي الثِيابُ الرِّقاق، الواحدُ سِبٌّ، بالكسر، يعني إذا كانت لغير التِّجارة‏.‏ وقيل إنما هي السُّيوب، بالياءِ، وهي الرّكازُ، لأن الرِكازَ يَجب فيه الخُمْس لا الزَّكاة‏.‏

ومنه حديث صِلَة بن أشْيَمَ <فإذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَب> أي ثوبٌ رقيقٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أنه سُئل عن سَبائِبَ يُسْلَف فيها> السَّبائبُ‏:‏ جمع سَبِيبة، وهي شُقَّة من الثياب أيَّ نَوْع كان‏.‏ وقيل هي من الكتَّان‏.‏

ومنه حديث عائشة <فَعَمدتْ إلى سَبيبةٍ من هذه السَّبائِب فحشَتْها صوفا ثم أتَتْنِى بها>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <دخلتُ على خالد وعليه سَبيبةٌ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث اسْتِسْقاء عُمَر <رأيتُ العباس رضي اللّه عنه وقد طال عُمَرَ، وعَيْناه تَنْضَمّان (كذا في الأصل وأ واللسان وتاج العروس. والذي في الهروي <تَبِصّان> وفي الفائق 2/366 <تَنْضَحان> وبص‏:‏ برق ولمع، ونضحت العين‏:‏ فارت بالدمع ‏(‏القاموس> وسَبائبُه تجُول على صَدره> يعني ذَوائبَه، واحدُها سبِيبٌ‏.‏ وفي كتاب الهَرَوى على اختلافِ نُسَخة <وقد طال عُمْرُه> ‏(‏في نسخة الهروي التي بين أيدينا‏:‏ وقد طال عمر> ‏)‏ وإنما هو طال عُمَرَ‏:‏ أي كان أطْوَلَ منه؛ لأن عُمَرَ لمَّا استسْقَى أخذَ العباسَ إليه وقال‏:‏ اللهم إنّا نَتَوسَّل إليكَ بعَمِّ نبيِّك‏.‏ وكان إلى جانبه، فرآه الراوِى وقد طالهَ‏:‏ أي كان أطْوَل منه‏.‏

وفيه <سِبَابُ المُسْلم فُسُوقٌ وقِتاله كُفْرٌ> السَّبُّ‏:‏ الشَّتْم‏.‏ يقال سَبَّه سَبّاً وسِباَباً‏.‏ قيل هذا مَحْمُول على من سَبَّ أو قاتَل مُسْلما من غير تأْويل‏.‏ وقيل إنما قال ذلك على جِهَة التَّغْلِيظ، لا أنَّه يُخْرجه إلى الفِسْق والكُفْر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي هريرة <لا تَمْشِيَنَّ أمام أبِيك، ولا تجلِس قَبْله، ولا تَدْعُه باسمِه، ولا تسْتَسِبَّ له> أي لا تُعَرِّضْه للسَّبِّ وتَجُرّه إليه، بأن تَسُبَّ أبَا غيرِك فيسُبَّ أباكَ مُجازاة لك‏.‏ وقد جاء مفسَّرا في الحديث الآخر <إن من أكبر الكبائر أن يُسبَّ الرجُل والِدَيه. قيل: وكيف يُسبّ والِدَيه؟ قال: يَسُبُّ أبَا الرجُل فيسُبُّ أباهُ وأمّه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لا تسُبُّوا الإبِلَ فإن فيها رَقُوءَ الدَّم>‏.‏

‏{‏سبت‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يا صاحبَ السِّبْتَيْن اخْلعَ نَعْلَيك> السِّبْت بالكَسْر‏:‏ جُلود البقر المَدْبوغة بالقَرَظِ يُتَّخذ منها النِّعال، سُمِّيت بذلك؛ لأن شَعَرها قد سُبتَ عنها‏:‏ أي حُلِقَ وأُزِيل‏.‏ وقيل لأنَّها انْسَبتَت بالدِّباغ‏:‏ أي لانَت، يُريد‏:‏ يا صاحبَ النَّعلين‏.‏ وفي تَسْمِيتِهم للنَّعْل المتَّخَذة من السِبت سِبْتاً اتساعٌ، مِثل قَوْلهم‏:‏ فُلان يَلْبَس الصوفَ والقُطْنَ والإبْرَيْسَمَ‏:‏ أي الثياب المتخَذة منها‏.‏ ويُروى السِبْتيَّيْن، على النَّسب إلى السِّبت‏.‏ وإنما أمَرَه بالخَلع احتراماً للمقابر؛ لأنه كان يَمشى بينها‏.‏ وقيل لأنها كان بها قَذَرٌ، أو لاخْتِيالِه في مَشْيه ‏(‏قال الهروي‏:‏ ويدل على أن السبت ما لا شعر له حديث ابن عمر <قيل له: إنك تلبس النعال السبتية! فقال: رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يلبس النعال التي ليس عليها شعر وأنا أحب أن ألبسها> ‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <قيل له: إنك تلبَسُ النعال السِّبْتيَّة> إنما اعتُرض عليه لأنها نِعالُ أهل النّعْمة والسَّعَة‏.‏ وقد تكرر ذكرُها في الحديث‏.‏

وفي حديث عمرو بن مسعود <قال لمعاوية: ما تسألُ عن شَيخ نومه سُباتٌ، ولَيلُه هُباتٌ> السُّباتُ‏:‏ نومُ المريض والشيخ المُسِنِّ، وهو النَّوْمة الخفيفة‏.‏ وأصلُه من السَّبْتِ‏:‏ الراحةِ والسكونِ، أو من القَطْع وتِرْك الأعمالِ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه ذكْر <يوم السَّبت> وسَبَت اليهود وسًبًتت اليهودُ تَسْبُت إذا أقاموا عَمَل يوم السَّبْت‏.‏ والإسْباتُ‏:‏ الدخول في السَّبت‏.‏ وقيل سُمّى يومَ السبت؛ لأن اللّه تعالى خَلَق العَالَم في سِتَّة أيَّام آخرُها الجمعة، وانقطع العَمَل، فسُمِّى اليوم السَّابعُ يوم السَّبت‏.‏

ومنه الحديث <فما رأَينَا الشَّمس سَبْتاً> قيل أرادَ أسْبُوعا من السَّبت إلى السَّبت فأُطْلق عليه اسمُ اليوم، كما يقال عشْرون خريفاً، ويرادُ عشْرون سَنَة‏.‏ وقيل أراد بالسَّبت مُدَّةً من الزَّمان قليلةً كانت أو كثيرةً‏.‏

‏{‏سبج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قَيْلة <وعليها سُبَيِّجٌ لها> هو تَصْغير سَبِيج، كَرغِيفٍ ورُغَيّف وهو مُعرَّب شّبى، للقميض بالفارسية‏.‏ وقيل هو ثوبُ صُوفْ أسْود‏.‏

‏{‏سبح‏}‏ * قد تكرر في الحديث ذِكرُ <التسبيح> على اخْتِلافِ تصرُّف اللَّفظة‏.‏ وأصلُ التَّسْبِيح‏:‏ التَّنزيهُ والتقديس والتبرئة من النَّقاَئِص، ثم استُعْمِل في مواضعَ تقْرُب منه اتِّسَاعا‏.‏ يُقال سبَّحته أسبِّحه تسبيحا وسُبحانا، فمعنى سُبْحان اللّهِ‏:‏ تَنْزيه اللّهِ، وهو نَصْب على المصدر بفِعْل مُضْمر، كأنه قال‏:‏ أُبَرئُ اللّه من السُّوء بَراءةً‏.‏ وقيل معناه‏:‏ التَّسرُّع إليه والخِفَّة في طاعَته‏.‏ وقيل معناه‏:‏ السُّرْعة إلى هذه اللَّفْظة‏.‏ وقد يطلق التَّسْبيح على غَيره من أنْواع الذّكر مجازاً، كالتَّحْميد والتَّمْجيد وغَيرِهما‏.‏ وقد يُطْلق على صلاة التطوُّع والنافلةِ‏.‏ ويقال أيضاً للذِّكْر ولصَلاةِ النَّافلة‏:‏ سُبْحَة‏.‏ يقال‏:‏ قَضَيت سُبْحَتي‏.‏ والسُّبْحة من التَّسبيح؛ كالسُّخرة من التَّسْخير‏.‏ وإنما خُصَّت النافلةُ بالسُّبحة وإن شاركَتْها الفريضةُ في معنى التَّسبيح لأن التَّسبيحات في الفرائض نوافلُ، فقيل لِصَلاة النَّافلة سُبْحة، لأنها نَافِلَة كالتَّسْبيحات والأذْكار في أنها غيرُ واجبةٍ‏.‏ وقد تكرر ذكر السبحة في الحديث كثيراً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ فمنها الحديث <اجْعَلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة> أي نافلةً‏.‏

ومنها الحديث <كنا إذا نزلْنا مَنْزِلا لا نُسَبّح حتى تُحَلّ الرِّحال> أراد صلاةَ الضّحَى، يعني أنهم كانوا مع اهْتمامهم بالصَّلاة لا يُباشِرُونهَا حتى يَحُطُّوا الرِّحال وَيُرِيُحوا الجِمالَ؛ رِفقاً بها وإحساناً‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الدعاء <سُبُّوحٌ قُدُّوس> يُرْوَيَان بالضم والفتح، والفتحُ أقيسُ، والضم أكثرُ اسْتِعْمالاً، وهو من أبْنِية المُبالَغَة‏.‏ والمراد بهما التنزيهُ‏.‏

وفي حديث الوضوء <فأدخَل أصبُعَيْه السَّبَّاحَتَين في أُذُنه> السَّباحةُ والمُسَبِّحَهُ‏:‏ الإصبعُ التي تَلى الإبهْام، سُمِّيت بذلك لأنها يُشَار بها عند التسبيح‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أن جبريلَ عليه السلام قال: <للّه دُون العرْش سبْعون حِجاباً، لو دَنَوْناَ من أحَدِها لأحْرَقَتْنا سُبُحاتُ وجه ربِّنا>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <حجابُه النورُ أو النارُ، لو كَشَفَه لأحْرقَت سُبُحاتُ وجْهه كُلَّ شىء أدْرَكه بصره> سُبُحات الوجْه‏:‏ محاسِنُه، لأنك إذَا رأَيت الحَسَنَ الوجْهِ‏.‏ قُلْت‏:‏ سْبحان اللّه‏.‏ وقيل معناَه تنْزيه له‏:‏ أي سُبْحان وجهه‏.‏ وقيل‏:‏ إن سُبُحات وجهه كلامٌ معتَرَضٌ بين الفعل والمَفْعُول‏:‏ أي لو كشَفها لأحْرقَت كُلَّ شىء أدرَكه بَصَره، فكأَنه قال‏:‏ لأحْرقت سُبُحات اللّه كل شىء أبصره، كما تقول‏:‏ لو دَخَل المَلكُ البلدَ لقتل والعياذُ باللّه كُلَّ من فيه‏.‏ وأقربُ من هذا كُلّه أن المعنَى‏:‏ لو انْكَشف من أنوار اللّه التي تَحْجب العِبادَ عنه شىءٌ لأهْلَكَ كلَّ من وقَع عليه ذلك النُّور، كما خَرَّ موسى عليه السلام صَعِقاً، وتقطَّع الجبلُ دّكاً لمَّا تَجلَّى اللّهُ سُبْحانه وتعالى‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المقداد <أنه كان يوم بَدْرٍ على فَرَس يقال له سَبْحَة> هو من قَولهم فَرَس سابحٌ، إذا كان حَسنَ مَدِّ اليَدَين في الجَرْى‏.‏

‏{‏سبحل‏}‏ * فيه <خيرُ الإبِلِ السِّبَحْلُ> أي الضَّخْم‏.‏

‏{‏سبخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عائشة <أنه سَمِعَها تدعُو على سارِقٍ سَرقها، فقال: لا تُسَبِّحي عنه بدُعَائِكِ عليه> أي لا تُخَفِّفِى عنه الإثمَ الذي استحقَّه بالسَّرقة‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أمْهلنا يسَبِّخْ عنا الحرُّ> أي يَخِفّ‏.‏

وفيه <أنه قال لأنس - وذكر البَصْرة - إن مَرَرْت بها ودخَلْتها فإيَّاك وسِباَخَها وكلأها> السِّباخُ‏:‏ جمع سَبَخة، وهي الأرضُ التي تعْلُوها المُلُوحة ولا تكادُ تُنْبِت إلا بعضَ الشجَر‏.‏ وقد تكرر ذكرها في الحديث‏.‏

‏{‏سبد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الخوارج <التَّسبيدُ فيهم فَاشٍ> هو الحَلْق واستِئصال الشَّعَر‏.‏ وقيل هو تَركُ التَّدهُّن وغسْلِ الرَّأسِ‏.‏

وفي حديث آخر <سِيماهُم التَّحْليقُ والتَّسْبِيدُ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <أنه قدِم مكة مُسَبِّداً رَأسَه> يريد تَرْك التَّدَهُّن والغَسْل‏.‏

‏{‏سبذ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس <جاء رجل من الأسْبَذِيِّين إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم>‏.‏ هم قومٌ من المَجُوس لهم ذكْرٌ في حديث الجِزْية‏.‏ قيل كانُوا مَسْلَحَةً لحصن المُشقَّرِ من أرْض البَحْرين، الواحدُ أسْبذِىّ، والجمعُ الأساَبِذَة‏.‏

‏{‏سبر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يخرُجُ رجُلٌ من النَّار قد ذَهب حِبْرُه وَسِبْرُه> السِّبْر‏:‏ حسْنُ الهيئَةِ والجَمَال‏.‏ وقد تُقْتَح السِّينُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الزبير <قيل له: مُرْ بِنيكَ حتى يتزَوّجُوا في الغَرَائب، فقد غَلَب عليهم سِبرُ أبي بَكْر ونُحُولُه> السِّبْر ها هنا‏:‏ الشَّبَه‏.‏ يقال عَرَفْته بِسبْر أَبِيه‏:‏ أي بشَبَهِه وهَيأِته‏.‏ وكانَ أبو بَكْر نحيفاً دقيقَ المحاسِن، فأمَره أن يُزوِّجَهم للغَرَائب ليَجتَمع لهم حسْنُ أبي بَكْر وشدَّةُ غيْره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إسْباغُ الوضَوءِ في السَّبَرات> السَّبراتِ‏:‏ جمع سَبْرة بسكون الباء، وهي شِدَّة البَرد‏.‏

ومنه حديث زواج فاطمة رضي اللّه عنها <فدخَل عليها رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غَدَاة سَبْرة>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الغْاَر <قال له أبو بكر: لا تَدْخُله حتى أسْبُرَه قَبْلك> أي اخْتَبِره وأعْتَبِرَه وأنظُرَ هل فيه أحَدٌ أو شيء يُؤُذى‏.‏* وفيه <لا بأسَ أن يُصَلّىَ الرجُل وفي كُمِّه سَبُّورَةٌ> قيل هي الألْواحُ من السَّاج يُكتَبُ فيها التَّذَاكر، وجمَاعةٌ من أصحاب الحديث يَروُونها سَنُّورة، وهو خطأ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث حبيب بن أبي ثابت <قال: رأيتُ على ابن عباس يوبا سَبِرِيّاً أسْتَشِفُّ ما ورَاءَه> كُلُّ رقيقٍ عندَهم سَابِرىٌّ‏.‏ والأصلُ فيه الدرُوع السَّابِرِيَّةُ، منسوبَةٌ إلى سابُورَ‏.‏

‏{‏سبسب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أبْدَلكُم اللّهُ تعالى بيَوم السَّباسِب يومَ العِيد> يومُ السَّباسِب عيدٌ للنَّصارى، ويسمُّونه السَّعاَنِين‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قُس <فبينا أنا أجُول سَبْسَبها> السَّبسَب‏:‏ القَفْر، والمفَازَة‏.‏ ويُرْوى بَسْبَسَها، وهما بمعنى‏.‏

‏{‏سبط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفته عليه السلام <سَبْط القَصَب> السَّبْط بسكون الباء وكسْرِها‏:‏ المُمتَدُّ الذي ليس فيه تَعقُّد ولا نُتُوّ، والقَصَب يُريد بها ساَعِدَيه وساَقَيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المُلاعَنة <إن جاءت به سَبْطا فهو لزوجها> أي ممتدَّ الأعضاَء تامَّ الخَلْق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث في صفة شَعره صلى اللّه عليه وسلم <ليس بالسَّبْط ولا الجَعْد القَطَطِ> السَّبْط من الشَّعَر‏:‏ المُنْبَسِط المُسْترَسِل، والقَطط‏:‏ السَّدِيد الجُعُودَة‏:‏ أي كان شَعَرُه وسطاً بينهما‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الحُسَين سِبْطٌ من الأسْباط> أي أُمَّةٌ من الأُمَم في الخَير‏.‏ والأسَّباطُ في أولاد إسحاق بن إبراهيمَ الخليل بمنزلة القَبائل في وَلد إسماعيلَ، واحدُهم سِبْط، فهو واقعٌ على الأمّة، والأُمَّة واقعةٌ عليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <الحَسَن والحُسَين سِبْطا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> أي طائِفتان وقِطْعتان منه‏.‏ وقيل الأسْباط خاصَّة‏:‏ الأولاد‏.‏ وقيل أولادُ الأولاد‏.‏ وقيل أولادُ البَناتِ‏.‏

ومنه حديث الضِّباب <إن اللّه غَضِب على سِبْطٍ من بنى إسرائيل فمسَخَهم دَوابَّ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <كانت تَضرِبُ اليتيمَ يكون في حِجْرِها حتى يُسْبِطَ> أي يَمتدّ على وجه الأرض‏.‏ يقال أَسْبَط على الأرض إذا وقَع عليها ممتدّاً من ضَرْب أو مَرَض‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه أتَى سُباطةَ قوم فباَل قائماً> السُّباطة والكُناسةُ‏:‏ الموضعُ الذي يُرْمَى فيه الترابُ والأوساخ وما يُكْنَس من المَنازل‏.‏ وقيل هي الكُناسة نفْسُها‏.‏ وإضافتُها إلى القَوم إضافةُ تخصيص لا مِلْك؛ لأنها كانت مَوَاتاً مُباحة‏.‏ وأما قوله‏:‏ قائماً، فقيل لأنه لم يجد موضعاً للقُعود؛ لأن الظاهر من السُّباطة أن لا يكون موضِعُها مُسْتويا‏.‏ وقيل لمرَض منَعَه عن القُعود‏.‏ وقد جاء في بعض الرِوايات‏:‏ لِعِلَّةٍ بمَأْبِضَيْه‏.‏ وقيل فعله للتَّداوى من وَجَع الصُّلب؛ لأنهم كانوا يَتداوَوْن بذلك‏.‏

وفيه <أن مُدافَعة البَول مكروهةٌ، لأنه بال قائماً في السُّباطة ولم يُؤَخّره>‏.‏

‏{‏سبطر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث شريح <إن هي قَرّت ودَرّت واسبَطَرَّت فهو لهَا> أي امتدَّت للإرْضاع وماَلت إليه‏.‏

ومنه حديث عطاء <أنه سُئل عن رجُل أخذَ من الذَّبيحة شيئاً قبلَ أن تَسْبَطِرَّ، فقال: ما أخَذْت منها فهو ميتةٌ> أي قبل أن تمتدَّ بعد الذبح‏.‏

‏{‏سبع‏}‏ * فيه <أُوتيتُ السَّبع المَثاني> وفي رواية <سبعاً من المَثاني> قيل هي الفاتحة لأنها سبعُ آيات‏.‏ وقيل السُّورُ الطِوالُ من البَقَرة إلى التَّوبة، على أن تُحْسَبَ التوبةُ والأنفالُ بسورة واحدة، ولهذا لم يفْصلأ بينهما في المُصْحف بالبسملة‏.‏ ومن في قوله‏:‏ من المثاني، لتَبْيين الجنْس، ويجوزُ أن تكون للتْبعيض‏:‏ أي سبع آيات أو سبع سُور من جملة ما يُثْنَى به على اللّه من الآيات‏.‏

وفيه <إنه ليُغانُ على قلبي حتى أسْتَغْفر اللّه في اليوم سبعين مرة> قد تكرر ذكر السبعين والسَّبعة والسَّبعمائة في القرآن والحديث‏.‏ والعربُ تضعُها موضعَ التضعيف والتكثير، كقوله تعالى <كمثَل حبَّةٍ أنبتَت سبعَ سَنابل> وكقوله> إن تستغفرْ لهم سبعين مرةً فلن يَغْفرَ اللّه لهم> وكقوله ‏[‏عليه السلام‏]‏> الحَسنة بعشْر أمثالِها إلى سَبعمائة> وأعْطَى رجل أعْرابيا دِرهما فقال‏:‏ سبَّع اللَّه لك الأجر، أراد التضعيف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <للبكر سبعٌ وللثَّيِّب ثلاثٌ> يجبُ على الزَّوج أن يَعْدِل بين نِسائه في القَسْم فيُقيم عند كل واحدة مثل ما يقيم عند الأخرى، فإن تزوَّج عليهنّ بكراً أقامَ عندها سبعة أيام لا تَحْسِبها عليه نِساؤه في القَسْم، وإن تَزوّج ثَيّبا أقام عندها ثلاثةَ أيام لا تُحْسب عليه‏.‏

ومنه الحديث <قال لأم سلمة حين تَزَوجها - وكانت ثيّبا - إن شئتِ سبَّعتُ عندِك ثم سَّبعتُ عند سائر نسائِي، وإن شئِت ثلَّثْتُ ثم دُرْت> أي لا أحتَسِب بالثلاث عليك‏.‏ اشتقُّوا فَعَّل من الواحد إلى العَشَرة، فمعنى سبَّع‏:‏ أقام عندها سْبعاً، وثلَّث أقام عندها ثلاثا‏.‏ وسَبَّع الإناءَ إذا غَسَله سْبع مرَّات، وكذلك من الوَاحِد إلى العَشَرة في كُلّ قَول أو فِعْل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <سَبَّعَت سُليم يوم الفتح> أي كَمَلت سبعمائةَ رجل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس وسُئل عن مَسئلة فقال <حدى من سَبْع> أي اشتدَّتْ فيها الفُتْيا وعظُم أمرُها‏.‏ ويجوزُ أن يكون شبَّهَها بإحْدَى اللَّيالي السَّبْع التي أرسَل اللّه فيها الرِّيح على عَاد، فضَرَبها لها مثلاً في الشدَّة لإشْكالها‏.‏ وقيل أرادَ سْبعَ سِنِى يُوسُف الصِّديق عليه السلام في الشِّدة‏.‏

ومنه الحديث <إنه طافَ بالبيت أسبُوعاً> أي سَبْع مرَّات‏.‏

ومنه <الأسبُوع للأيَّام السَّبْعة>‏.‏ ويقال له سُبُوع بلا ألِفٍ لُغَة فيه قليلةٌ‏.‏ وقيل هو جمع سُبْع أو سَبْع، كُبرْد وبُرُود، وضَرْب وضُرُب‏.‏

ومنه حديث سلمة بن جُنَادة <إذا كان يوم سُبُوعِه> يُريد يوم أُسْبُوعِه من العُرْس‏:‏ أي بَعْد سَبْعة أيام‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفيه <إنّ ذئباً اختطفَ شاةً من الغَنم أيامَ مبعَثِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فانتزَعها الرَّاعِي منه، فقال الذئبُ: من لهَا يوم السَّبْع؟> قال ابن الأعرابي‏:‏ السَّبْع بسكون الباء‏:‏ الموضعُ الذي إليه يكونُ المحْشَر يوم القيامة، أراد مَنْ لَها يوم القيامةِ‏.‏ والسَّبْع أيضا‏:‏ الذُّعْرُ، سَبعْتُ فلاناً إذا ذَعّرْته‏.‏ وسبَعَ الذّئبُ الغَنم إذا فرَسَها‏:‏ أي مَن لها يومَ الفَزَع‏.‏ وقيل هذا التأويلُ يفْسُدُ بقول الذِّئب في تَمام الحَديث‏:‏ يومَ لا رَاعِي لها، غَيْري‏.‏ والذّئب لا يكونُ لها رَاعياً يوم القيامة‏.‏ وقيل أرادَ من لها عِنْدَ الفِتَن حينَ يتركُها الناسُ همَلا لاَ رَاعِي لَهاَ، نُهْبُةً للذئاب والسِّبَاع، فجعل السبُع لها راعياً إذ هُو مُنْفَردٌ بها، ويكونُ حينئذ بضَمّ البَاء‏.‏ وهذا إنْذارٌ بما يكونُ من الشَّدائِد والفِتَن التي يُهْملُ الناسُ فيها مواشِيهَم فتسْتَمْكن منها السِّباع بلا ماَنِع‏.‏ وقال أبُو موسى بإسناده عن أبي عُبَيْدَة‏:‏ يومُ السَّبْع عيدٌ كان لهُم في الجَاهِليَّة يشتَغِلُون بِعيدِهم ولَهْوهِم، وليس بالسَّبُع الذي يَفْتَرِسُ الناسَ‏.‏ قال‏:‏ وأملاهُ أبو عامِر العبْدَرى الحافظ بضم الباَءِ، وكان من العِلمُ والإتْقاَن بمكانْ‏.‏

وفيه <نهى عن جُلود السِّباع> السِّباع تقع على الأُسْد والذِّئاب والنُّمُور وغَيرها‏.‏ وكان مَلِكٌ يكرَه الصلاةَ في جُلُود السِّباع وإن دُبِغَت، ويمنعُ من بيعها‏.‏ واحتْجَّ بالحديث جماعةٌ، وقالوا إنَّ الدّباغ لا يُؤثْر فيما لا يُؤْكل لحمُه‏.‏ وذَهب جماعةٌ إلى أن النَّهي تناوَلَها قبل الدِّباغ، فأما إذا دُبِغَت فقد طهُرَت‏.‏ وأما مذَهب الشَّافِعِي فإن الدِّباغ ‏(‏في الأصل و أ واللسان <فإن الذبح> والمثبت أفاده مصحح الأصل‏.‏ وهو الصواب المعروف في مذهب الشافعية‏)‏ يطَهِّر جُلود الحَيَوان المأكُول وغير المأكُول إلا الكَلْب والخِنْزِير وما تولَّد منهُما، والدِّباغُ يُطَهِّر كُلّ ميتَةِ غَيرهما‏.‏ وفي الشُّعُور والأوْبارِ خلافٌ هل تطهُر بالدِّباغ أم لا‏.‏ وقيل إنما نَهى عن جُلود السِّباع مُطْلَقاً، وعن جِلْد النَّمِر خاصّاً، ورَدَ فيه أحاديثُ لأنه من شِعاَر أهْل السَّرَف والخُيَلاَء‏.‏

ومنه الحديث <أنه نَهى عن أكْل كُلِّ ذِي ناب من السِّباع> هو ما يفتَرس الحيوان ويأكُله قهْراً وقَسْرا، كالأسَد والنّمر والذِّئب ونحْوها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه صّب على رأسه الماءَ من سِباَع كان مِنْه في رَمَضان> السِّباع‏:‏ الجماعُ‏.‏ وقيل كثرَتُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه نهى عن السِّباع> هو الفَخَار بكثْرةِ الجماع‏.‏ وقيل هو أن يتساَبَّ الرَّجُلان فيَرمِي كُلُّ واحد صاحبه بما يسُوءُه‏.‏ يقال سبَع فلان إذا انتْقَصَه وعابَه ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قلت الأول تفسير ابن لهيعة‏.‏ وقال ابن وهب‏:‏ يريد جلود السباع، حكاه البيهقي في سننه‏)‏‏.‏

وفيه ذكر <السَّبيع> هو بفتح السين وكسر الباء‏:‏ مَحلَّة من مَحالّ الكوفة منسوبة إلى القَبيلَة وهم بَنُو سَبِيع من هَمْدَان‏.‏

‏{‏سبغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قَتْل أُبَىّ بن خَلَف <زَجَلَه بالحرْبة فتقَعُ في تَرْقُوَته تحت تسْبِغَة البَيْضَةِ> التَّسبِغَة‏:‏ شىءٌ من حَلَق الدُّرُوع والزَّرَد يُعَلَّق بالخُوذَة دائرا معها ليستُر الرَّقبة وَجَيبَ الدّرْع‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي عبيدة <إنَّ زَردَتَين من زَرَد التَّسْبغة نَشِبتاً في خدّ النبي صلى اللّه عليه وسلم يومَ أُحُدٍ> وهي تَفْعِلة مصدرُ سبَّغ، من السُّبُوغ‏:‏ الشُّمُول‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كان اسم دِرْعِ النبي صلى اللّه عليه وسلم ذو السُّبُوغ> لتَمامها وسَعَتِها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المُلاَعنة <إن جاَءت به ساَبغَ الألْيتَين> أي تامَّهما وعَظِيمَهما، من سُبُوغ الثَّوب والنّعمِة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث شريح <أسْبِغُوا لليَتيم في النَّفَقَةِ> أي أنْفِقُوا عليه تمامَ ما يحتاجُ إليه، وَوَسِّعُوا عليه فيها‏.‏

‏{‏سبق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا سبَق إلا في خُفٍّ أو حافِرٍ أو نصْل> السَّبَق بفتح الباء‏:‏ ما يُجْعل من المَال رَهْنا على المُساَبَقة‏.‏ وبالسُّكون‏:‏ مصدر سَبَقت أسْبِق سَبْقا‏.‏ المعنى لا يَحِل أخذُ المَال بالمُساَبقة إلاَّ في هذِه الثَّلاثِة، وهي الإبلُ والخيلُ والسِّهامُ، وقد ألْحَق بها الفقهاءُ ما كان بمعْناهاَ، وله تَفْصيلٌ في كُتُب الفِقْه‏.‏ قال الخطَّابي‏:‏ الرِّوَاية الصحيحةُ بفتح الباَءِ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه أمَرَ بإجْراء الخَيل، وسبَّقَها ثلاثَة أعذُق من ثلاَث نَخْلات> سَبَّق ها هنا بمعنى أعْطى السَّبَق‏.‏ وقد يكون بمعنى أخَذَ، وهو من الأضْدَاد، أو يكون مُخَّففاً وهو المالُ المُعَيَّن‏.‏

ومنه الحديث <استقِيموا فقد سَبَقْتم سَبقا بعيداً> يروى بفتح السين وبضمها على ما لم يُسمَّ فاعلُه، والأوّل أولى، لقوله بعدَه‏:‏ وإن أخذْتم يميناً وشمالا فقد ضَلَلْتم‏.‏

وفي حديث الخوارج <سَبَق الفَرْثَ والدَّمَ> أي مرَّ سريعاً في الرَّمِيَّة وخرجَ منها لم يعْلَق منها بشَىء من فَرْثها ودَمِها لسُرْعَته، شَبَّه به خرُوجَهم من الدِّين ولم يَعْلَقوا بشيء منه‏.‏

‏{‏سبك‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر <لو شئتُ لملآْتُ الرّحاب صلائقَ وسباَئك> أي ما سُبك من الدقيق ونُخل فأُخِذ خالصُه‏.‏ يعنى الحُوَّارَى، وكانوا يُسُّمون الرُّقَاق السَّبائك‏.‏

‏{‏سبل‏}‏ * قد تكرر في الحديث ذكر <سَبيل اللّه وابن السَّبيل> فالسَّبيلُ‏:‏ في الأصل الطَّريقُ ويذكَّر ويؤنثَّ، والتأنيثُ فيها أغلبُ‏.‏ وسبيلُ اللّه عامٌّ يقعُ على كل عَمل خالِصٍ سُلك به طَريق التقرُّب إلى اللّه تعالى بأداءِ الفَرَائض والنَّوافل وأنْواع التَّطوعُّات، وإذا أُطْلق فهو في الغالِب واقعٌ على الجهَاد، حتى صارَ لكَثْرة الاسْتِعْمال كأنه مقصورٌ عليه‏.‏ وأمّا ابنُ السَّبيل فهو المُساَفر الكثيرُ السَّفر، سمى ابْناً لها لمُلاَزَمته إيَّاها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <حَرِيم البئر أربَعُون ذِرَاعا من حَوَاليها لأعْطاَن الإبِل والغَنضم، وابنُ السَّبيل أوّلُ شارب مِنْها> أي عابر السَّبيل المجتازُ بالبئر أو الماءِ أحقُّ به من المُقِيم عليه، يُمَكَّن من الوِرْد والشُّرب، وأن يرفع لشَفَته ثم يدعه للمقيم عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سمرة <فإذا الأرض عند أسْبُله> أي طُرُقه، وهو جمع قِله للَّسبيل إذا أُنِّثت، وإذا ذُكِّرت فجمعُها أسْبِلة‏.‏

وفي حديث وقف عمر <احْبِس أصلَها وسبِّل ثمرَتَها> أي اجعلها وقفا، وأبح ثمرتَها لمن وقَفْتها عليه، سبَّلْتُ الشىءَ إذا أبحتَه، كأنَّك جَعَلت إليه طريقاً مَطْروقةً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <ثلاثَةٌ لا ينظر اللّهُ إليهم يومَ القيامة: المُسْبِل إزارَه> هو الذي يُطَوِّل ثوبَه ويُرْسلُه إلى الأرْض إذا مَشَى‏.‏ وإنما يفَعَل ذلك كِبْراً واخْتيالاً‏.‏ وقد تكرَّر ذكرُ الإِسبال في الحديث، وكُلُّه بهذا المعنى‏.‏

ومنه حديث المرأة والمَزادَتَين <سابِلَة رِجْليها بين مَزَادَتين> هكذا جاء في رِواية‏.‏ والَّوابُ في اللُّغة مُسْبِلة‏:‏ أي مُدَلِّية رِجْليها‏.‏ والرِّواية ساَدِلة‏:‏ أي مُرْسلة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي هريرة <من جَرَّ سَبَله من الخُيَلاء لم يَنظُر اللّه إليه يوم القيامةِ> السَّبَل بالتحريك‏:‏ الثيابُ المُسْبَلة، كالرَّسَل، والنَشَر؛ في المُرْسَلة والمَنْشُورة‏.‏ وقيل‏:‏ إنها أغلظُ ما يكون من الثياب تُتَّخذ من مُشاَقَة الكَتَّان‏.‏

ومنه حديث الحسن <دخلتُ على الحجَّاج وعليه ثيابٌ سَبَلة>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إنه كانَ وَفِرَ السَّبَلة> السَّبَلَة بالتحريك‏:‏ الشَّاربُ، والجمعُ السِّبَال، قاله الجوهري‏.‏ وقال الهَرَوى ‏(‏حكاية عن الأزهري‏)‏ هي الشَّعَرات التي تَحْتَ اللَّحْى الأسْفَل‏.‏ والسَّبَلة عند العَرب مُقدَّم اللّحْية وما أسْبَل منها على الصَّدْر‏.‏

ومنه حديث ذي الُّثدَيَّة <عليه شُعَيرَاتٌ مثل سَبَالة السِّنَّور>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الاستسقاء <اسْقِناَ غَيثاً سَابلا> أي هاَطِلا غَزِيراً‏.‏ يقال أسْبَل المَطرُ والدَّمع إذا هَطَلا‏.‏ والاسم السَّبَل بالتحريك‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث رُقَيقَةَ‏.‏

فَجادَ بالماَءِ جَوْنِىٌّ له سَبَلٌ *

أي مَطَرٌ جَوْدٌ هاطِلٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مسروق <لا تُسْلِمْ في قَراحٍ حتى يُسْبِلَ> أسْبل الزَّرْع إذا سَنْبل‏.‏ والسَّبَل‏:‏ السُّنْبُل، والنونُ زائدةٌ‏.‏

‏{‏سبن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي بُردة، في تفسير الثِّياب القَسِّيَّة <قال: فلما رأيتُ السَّبِنىَّ عرفتُ أنها هي> السَّبَنِيَّةُ‏:‏ ضربٌ من الثِّياب تُتَّخذ من مُشاَقَة الكَتَّان، منسوبَةٌ إلى موضعٍ بناَحِية المَغْرب يقال له سَبَنٌ‏.‏

‏{‏سبنت‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في مرثية عمر رضي اللّه عنه‏:‏

وما كُنْتُ أرجُو أن تَكُون وَفاتُه ** بكَفَّى سَبَنْتَى أزْرَقِ العَين مُطْرِق

السَّبَنْتَى والسَّبَنْدي‏:‏ النَّمِر‏.‏

‏{‏سبنج‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <كان لعلي بن الحُسَين سَبَنْجُونَة من جُلود الثَّعالب، كان إذا صلَّى لم يلْبَسْها>؛ هي فَرْوةٌ‏.‏ وقيل هي تَعْريب آسْمان جُونْ‏:‏ أي لَون السَّماء‏.‏

‏{‏سبهل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا يَجيئَن أحدُكم يوم القيامة سبَهْلَلاً> أي فارغاً، ليس مَعَه من عَمَل الآخرة شىءٌ‏.‏ يقال جاء يمشي سَبَهْلَلاً؛ إذا جاء وذَهَب فارغاً في غير شيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <إني لأكْرَه أن أَرى أحدَكم سبَهْلَلا لاَ في عَمَل دُنيا ولا في عَمل آخره> التنكيرُ في دُنيا وآخرة يرجعُ إلى المضاَف إليهما وهو العَمَل، كأنه قال‏:‏ لا في عَمَل من أعمال الدُّنيا ولا في عَمل من أعْمال الآخرِة‏.‏

‏{‏سبا‏}‏ * قد تكرر في الحديث ذكر <السَّبْى والسَّبِيَّة والسَّبايا> فالسَّبىُ‏:‏ النَّهبُ وأخذُ الناس عَبيداً وإماءً، والسَّبِيَّة‏:‏ المرأة المَنْهُوبة، فَعِيلة بمعنى مَفْعُولة، وجمعُها السَّبايا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <تسعةُ أعْشاَر الرِّزق في التِّجارة، والجزءُ الباقي في السَّابِياء> يُريد به النِّتاَجَ في المَواشي وكثرتهاَ‏.‏ يُقال إنَّ لآل فُلان ساَبياَءَ‏:‏ أي مَوَاشىَ كثيرةً‏.‏ والجمعُ السَّوَابى، وهي في الأصْل الجِلدَة التي يَخْرُج فيها الولدُ‏.‏ وقيل هي المَشِيمَةُ‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <قال لظَبيانَ: ما مَلُكَ؟ قال: عطائي ألْفان. قال: اتخِذْ من هذا الحرْثَ والسَّابِياءَ قبل أن يَليَك غِلْمةٌ من قُرَيش لا تَعدُّ العَطاَء معَهُم ماَلاً> يريد الزِّراعة والنِّتاجَ‏.‏

 باب السين مع التاء

‏{‏ستت‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ فيه> إن سعداً خطَبَ امرأةً بمكة فقيل‏:‏ إنَّها تَمْشى على سِتً إذا أقْبَلت، وعلى أربع إذا أدْبَرت> يعني بالسِّت يَدَيها وثَدْييها ورِجْلَيها‏:‏ أي أنها لعِظَم ثَدْيَيها ويَدَيها كأنها تَمْشِى مُكِبَّة‏.‏ والأربعُ رجلاها وألْيتاَها، وأنهما كادتا تمسَّان الأرضَ لعِظمِهما، وهي بنتُ غَيْلانَ الثَّقَفيَّة التي قيل فيها‏:‏ تُقْبل بأربَع وتُدْبر بثَمان، وكانت تحتَ عبد الرحمن بن عوف‏.‏

‏{‏ستر‏}‏ * فيه <إن اللّه حيِىٌّ سَتِيرٌ يحب الحَياء والسَّتْر> سًتِير‏:‏ فَعِيل بمعنى فَاعِل‏:‏ أي من شَأنه وإرادتَهِ حُبُّ السَّتر والصَّون‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أيُّما رجُلٍ أغلق بَابَه على امْرأتِه وأرْخَى دُنها إسْتاَرةً فقد تَمَّ صَداقُها> الإسْتاَرَة من السِّتر كالسِّتارة، وهي كالإعْظامَة من العِظاَمة‏.‏ قيل لم تُسْتعمل إلا في هذا الحديث‏.‏ ولو رُويت أسْتاره؛ جمعُ سِتْر لكان حَسَناً‏.‏

ومنه حديث ماعز <ألاَّ ستَرْتَه بثَوبك يا هزَّال> إنما قال ذلك حُبّاً لإخْفاء الفَضِيحة وكراهيةً لإشاعَتها‏.‏

‏{‏ستل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي قتادة <قال: كُنَّا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في سَفر، فبينا نَحنُ ليلة مُتَساتلين عن الطَّريق نَعَس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> تَسَاتَل القومُ إذا تتاَبَعوا واحداً في أثَر واحد‏.‏ والمَساَتِلُ‏:‏ الطُّرُق الضَّيّقة، لأن النَّاس يتَسَاتَلون فيها‏.‏

‏{‏سته‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المُلاعنَة <إن جاءتْ به مُسْتَهاً جَعْداً فهو لِفُلان> أراد بالمُسْتَه الضَّخْمَ الألْيتَين‏.‏ يقال أُسْتِه فهو مُسْتَه، وهو مُفْعَل من الاسْتِ‏.‏ وأصلُ الاسْتِ سَتَةٌ، فحذفت الهاء وعوض منها الهمزة‏.‏

ومنها حديث البراء <قال: مَرَّ أبوُ سُفيان ومعاويةُ خَلْفه وكان رجلا مُستَهاً>‏.‏

 باب السين مع الجيم

‏{‏سجج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ <فيه إن اللّه قد أراحَكُم من السَّجَّة والبَجَّة> السَّجَّة والسَّجاج‏:‏ اللَّبَن الذي رُقِّق بالماء ليكثُر‏.‏ وقيل هو اسمُ صَنَم كان يُعْبد في الجَاهِلية‏.‏

‏{‏سجح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علىّ يُحرِّضُ أصحابه على القِتَال <وامشُوا إلى المَوت مِشيةً سُحُحاً أو سَجْحاء>‏.‏ السُّجُح‏:‏ السَّهلة‏.‏ والسَّجْحاء تأنيثُ الأسجَح وهو السَّهْل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة <قالت لعلي يوم الجَمل حين ظَهَر: مَلكَت فأسْجح> أي قدَرْت فَسهّل وأحْسِن العفوَ، وهو مَثلٌ سائر‏.‏

ومنه حديث ابن الأكوع في غزوة ذي قَرَد <ملكتَ فأسْجح>‏.‏

‏{‏سجد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <كان كِسرى يسجُد للطَّالع> أي يتَطاَمَن ويَنْحَنى‏.‏ والطالعُ هو السَّهم الذي يُجاَوزُ الهدَف من أعلاه، وكانوا يعدُّونه كالمُقَرْطِس، والذي يقع عن يَمينه وشِمَاله يقال له عاضدٌ‏.‏ والمْعنى أنه كان يُسَلّم لِرَاميه ويَسْتَسْلم‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ معناه أنه كان يَخْفِض رأسَه إذا شخَص سهمْهُ وارتفع عن الرَّمِيَّة؛ ليتقَوَّم السَّهم فيصيب الدَّارَةَ‏.‏ يقال أسْجَد الرجُل‏:‏ طأطأَ رَأسَه وانْحنَى‏.‏ قال‏:‏

وقُلنَ له أسْجِدْ لِليْلَى فأسْجَدَا *

يعني البعيرَ‏:‏ أي طأطأ لها لِتَركَبه‏.‏ فأما سجدَ فبمعنَى خَضَع‏.‏

ومنه <سُجُود الصلاة> وهو وضْع الجَبْهة على الأرض، ولا خُضُوع أعْظَم منه‏.‏

‏{‏سجر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في صفته عليه السلام <أنه كان أسْجرَ العَين> السُّجْرة‏:‏ أن يُخَالط بياضَها حُمرةٌ يسيرةٌ‏.‏ وقيل هو أن يُخاَلط الحُمرَة الزُّرقَة‏.‏ وأصلُ السَّجَر والسُّجْرةِ‏:‏ الكُدْرَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمرو بن عَبَسة <فصّل حتى يَعْدل الرُّمح ظِلّه، ثم اقْصرْ فإن جَهَنم تُسجَر وتُفتح أبوابُها> أي تُوقَد، كأنه أرادَ الإبْرادَ بالظُّهر لقوله <أبْردُوا بالظُّهر فإن شدَّة الحرِّ من فَيْح جَهَنم> وقيل أراد به ما جاء في الحديث الآخر <إن الشَّمسَ إذا اسْتَوت قارنَهَا الشيَّطانُ، فإذا زالتْ فارقَهَا> فلعَلّ سَجْر جهنم حينئذ لمُقَارنة الشيطان الشمس، وتهيْئَتِه لأن يسجُد له عُبَّادُ الشمس، فلذلك نهى عن الصلاة في ذلك الوقت‏.‏ قال الخطابي‏:‏ قوله‏:‏ <تَسْجَر جهنم>، و<بين قَرْني الشيطان وأمثالها> من الألْفاظِ الشَّرْعية التي أكثُرها ينفردُ الشَّارعُ بمعانيها، ويجبُ علينا التَّصْدِيقُ بها والوقُوفُ عند الإقرار بصحتها والعمل بمُوجِبهاَ‏.‏

‏{‏سجس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المولد <ولا تضُرُّوه في يقَظَة ولا مَنَامٍ سَجِيسَ الليالي والأيام> أي أبداً‏.‏ يقال لا آتِيك سَجِيسَ الليالي‏:‏ أي آخر الدَّهْر‏.‏ ومنه قيل للماء الراكد سَجِيس؛ لأنه آخر ما يَبْقى‏.‏

‏{‏سجسج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ظِلُّ الجنة سَجْسَجٌ> أي مُعْتدِل لا حَرٌّ ولا قُرّ‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <وهواؤُها السَّجْسَجُ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه مرَّ بوَادٍ بين المسْجِدَين فقال: هذه سجاَسجُ مرَّ بها مُوسى عليه السلام> هي جمع سجْسج، وهو الأرضُ ليست بِصُلبَة ولا سَهلة‏.‏

‏{‏سجع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أن أبا بكر اشترى جاريةً فأراد وطأَها، فقالت: إنِّي حاملٌ، فرفع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إن أحَدكم إذا سجَع ذلك المَسْجَع فليس بالخِياَر على اللّه وأمر بردِّها> أرادَ سلَك ذلك المسْلَك وقَصَد ذلك المَقْصد‏.‏ وأصلُ السجْع‏:‏ القَصْد المُسْتوى على نَسق واحد‏.‏

‏{‏سجف‏}‏ ‏(‏س‏)‏ <وألقَى الِسَّجْف> السَّجف‏:‏ السِّتر‏.‏ وأسجَفَه إذا أرْسَله وأسْبَله‏.‏ وقيل لا يُسَمى سِجْفا إلا أن يكون مَشقُوق الوَسَط كالمِصْرَاعين‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أم سلمة <أنها قالت لعائشة: وجَّهْتِ لعائشة: وجَّهْتِ سِجاَفَته> أي هَتَكْتِ سِتْرَه وأخَذْتِ وجْهَه‏.‏ ويُرْوَى بالدال‏.‏ وسيجىء‏.‏

‏{‏سجل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه أن أعرْابيا بالَ في المسجد، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بسَجْل من ماَءٍ فصُبَّ على بوله> السَّجْل‏:‏ الدَّلو الملأى ماء‏.‏ ويُجْمع على سِجاَل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي سفيان وهِرَقْل <والحَرْب بيننا سِجاَل> أي مَرَّة لنا ومَرَّة علينا‏.‏ وأصله أنَّ المُسْتَقين بالسَّجْل يكون لكل واحِدٍ منهم سجل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود <افتتح سورة النساء فسَجلها> أي قرَأها قراءةً مُتَّصِلة‏.‏ من السَّجْل‏:‏ الصَّبِّ‏.‏ يقال سَجَلت الماءَ سَجْلا إذا صَبَتْه صَبّاً مُتَّصِلاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن الحنفية <قرأ: هل جَزاءُ الإحسان إلا الإحسْان، فقال: هي مُسْجَلة للبَرِّ والفاجر> أي هي مُرْسَلة مُطْلَقة في الإحسانِ إلى كلِّ أحَد؛ بَرّاً كان أو فاجراً‏.‏ والمُسْجَل‏:‏ المالُ المبذُولُ‏.‏

ومنه الحديث <ولا تُسْجِلوا أنْعامَكم> أي لا تُطْلِقُوها في زُروع النارس‏.‏

وفي حديث الحساب يوم القيامة <فتُوضَع السِّجلاَّت في كِفَّة> هي جمع سِجِلٍّ بالكسر والتشديد، وهو الكتاب الكبير‏.‏

‏{‏سجلط‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أُهْدى له طَيلَسانٌ من خزّ سِجِلاَّطِىّ> قيل هو الكُحْلىُّ‏.‏ وقيل هو على لون السِّجِلاَّطِ، وهو الياَسميِن، وهو أيضا ضَرْب من ثِياب الكَتَّان ونَمطٌ من الصُّوف تُلْقِيه المرأةُ على هَودَجها‏.‏ يقال سِجِلاَّطٌ، كُرومّىٍ ورُومٍ‏.‏

‏{‏سجم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في شعر أبي بكر رضي اللّه عنه‏:‏

فدَمْع العين أهْونُه سِجاَمُ *

سجَم الدَّمْعُ والعينُ والماءُ، يَسْجُمُ سُجُوما وسِجاَما إذا سال‏.‏

‏{‏سجن‏}‏ * في حديث أبي سعيد <ويؤُتَى بكِتَابه مَخْتُوما فيُوضَع في السِّجِّين> هكذا جاء بالألف واللام، وهو بغيرهما اسمُ عَلَمٍ للنار‏.‏

ومنه قوله تعالى <إن كِتابَ الفُجار لفى سِجيّن> وهو فِعِّيلٌ من السَّجْن‏:‏ الحَبْس‏.‏

‏{‏سجا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه لما مات صلى اللّه عليه وسلم سُجِّى ببُرْدِ حِبَرَةٍ> أي غُطِّى‏.‏ والمُتسَجِّى‏:‏ المُتَغَطِّى، من اللَّيل السَّاجي، لأنه يُعَطِّى بظلامه وسُكونه‏.‏

ومنه حديث موسى والخضر عليهما السلام > فرأى رجُلا مُسَجَّى عليه بثَوب> وقد تكرر في الحديث‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <ولا ليلٌ داجٍ ولا بحرٌ ساجٍ> أي ساكنٌ‏.‏

وفيه <أنه كان خُلُقه سَجيةَّ> أي طبيعةً من غير تكلُّفٍ‏.‏

 باب السين مع الحاء

‏{‏سحب‏}‏ * فيه <كان اسم عشمَامة النبي صلى اللّه عليه وسلم السَّحابَ> سُمِّيت به تشْبيها بسَحَاب المَطر لأنسحابه في الهوَاءِ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سْعد وأرْوَى <فقامَت فتَسحَّبَت في حقِّه> أي اغتَصَبتْه وأضافَتْه إلى أرْضها‏.‏

‏{‏سحت‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه أحْمى لجُرشَ حِمًى، وكتَب لهم بذلك كِتاَبا فيه: فمن رَعاَء من النَّاس فمالُه سُحْت> يقال مالُ فلان سُحْت‏:‏ أي لا شيء على من استهْلكه، ودَمُه سُحْت‏:‏ أي لا شىءَ على من سَفَكه‏.‏ واشِتقاقُه من السَّحت وهو الإهْلاك والاستِئصال‏.‏ والسُّحت‏:‏ الحَرَام الذي لا يَحِلُّ كسْبُه، لأنه يَسْحَت البركة‏:‏ أي يُذْهبها‏.‏

ومنه حديث ابن رَواحة وخَرْص النَّخل <أنه قال ليهود خيبر لما أرَادوا أن يَرْشُوه: أتُطْعموني السُّحْت> أي الحَرَام‏.‏ سمى الرَّشْوة في الحكم سُحْتا‏.‏

ومنه الحديث <يأتي على النَّاس زمانٌ يُسْتَحل فيه كذا وكذا، والسُّحْتُ بالهدِيَّة> أي الرَّشْوة في الحُكم والشَّهادة ونحوهما‏.‏ ويَرِد في الكلام على الحرام مرةً وعلى المكْرُه أُخْرى، ويُسْتّدل عليه بالقرآن‏.‏ وقد تكرَّر في الحديث‏.‏

‏{‏سحح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يمينُ اللّه سَحَّاءُ لا يَغيضُها شيء الليلَ والنهارَ> أي دائمة الصَّبِّ والهطْل بالعَطاء‏.‏ يقال سَحَّ يَسُحُّ فهو ساحٌّ، والمؤنَّثة سَحَّاءُ، وهي فَعْلاءُ لا أفعلَ لها كهَطْلاء، وفي رواية <يمين اللّه ملأى سَحّاً> بالتنوين على المصدر‏.‏ واليمين ها هنا كنايةٌ عن مَحَل عَطائه‏.‏ ووَصفَها بالامْتلاِء لكَثْرة منافعها‏.‏ فجعلها كالعين الثَّرَّة التي لا يغيضُها الاستقاءُ ولا ينقْصُها الامتِياحُ‏.‏

وخَصَّ اليمين لأنها في الأكْثَر مَظِنَّة العطاءِ على طَريق المجازِ والاتساع، والليلَ والنهار منصوبان على الظرف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي بكر <أنه قال لأسامة حين أنفذ جيشه إلى الشام: أغِرْ عليهم غارةً سَحَّاءَ> أي تسُحُّ عليهم البَلاء دَفْعةً من غير تلبُّثٍ ‏(‏ويروى <سنحاء> بالنون، و<مسحاء> بالميم، وسيأتي‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الزبير <ولَلدُّنيا أهونُ علىَّ من مِنْحةٍ ساحَّةٍ> أي شاة مُمْتلئة سِمَناً، ويروى سحْسَاحة، وهو بمعناه‏.‏ يقال سَحَّت الشاةُ تَحِح بالكسر سُحوحا وسُحوحة، كأنها تصُبّ الوَدَك صبّاً‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <مررتُ على جَزُورٍ ساحٍّ> أي سَمينةٍ‏.‏

وحديث ابن مسعود <يلقى شيطانُ الكافر شيطانَ المؤْمن شاحباً أغبر مهزولا، وهذا ساحٌّ> أي سمين، يعني شيطان الكافر‏.‏

‏{‏سحر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنَّ من البَيان لسِحْرا> أي منه ما يَصرف قلوب السامعين وإن كان غيرَ حقّ‏.‏ وقيل معناه إنّ من البَيان ما يكْتَسب به من الإثْم ما يكْتَسبه الساحر بِسحْرِه، فيكون في مَعْرِض الذَّم، ويجوزُ أن يكون في مَعْرض المَدْح؛ لأنه يُسْتمالُ به القلوبُ، ويُتَرضى به الساخط، ويُسْتنْزل به الصَّعْب‏.‏ والسحرُ في كلامهم‏:‏ صَرفُ الشىء عن وجْهه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عائشة <ماتَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين سَحْرِى ونَحْرى> السَّحْر‏:‏ الرِّئَةُ، أي أنه ماتَ وهو مُسْتَنِد إلى صدرِها وما يُحاَذِى سَحْرَها منه‏.‏ وقيل السَّحْر ما لَصِق بالحُلقْوم من أعْلَى البَطْن‏.‏ وحكى القُتَبى عن بعضهم أنه بالشين المعجمة والجيم، وأنه سئل عن ذلك فشَبَّك بين أصابعه وقدَّمها عن صدرِه، كأنه يضُم شيئاً إليه‏:‏ أي أنه مات وقد ضَمَّتْه بِيَدَيْها إلى نَحْوها وصَدْرِها، والشَّجْر‏:‏ التَّشْبيكُ، وهو الَّقَن أيضا‏.‏ والحفوظُ الأوّلُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي جهل يوم بدر <قال لعُتْبة بن ربيعة: انْتَفَخ سَحْرُك> أي رِئَتُك‏.‏ يقال ذلك للجباَنْ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه ذكر <السَّحور> مكررا في غير موضع، وهو بالفتح اسمُ ما يُتَسحّر به من الطَّعام والشَّراب‏.‏ وبالضَّم المصدرُ والفعلُ نفسُه‏.‏ وأكثرُ ما يُرْوَى بالفتح‏.‏ وقيل إن الصَّواب‏.‏ بالضم؛ لأنه بالفتح الطعام‏.‏ والبركَةُ والأجر والثوابُ في الفعل لا في الطعام‏.‏

‏{‏سحط‏}‏ * في حديث وَحْشِىٍّ <فَبرك عليه فسَحَطَه سَحْطَ الشاة> أي ذبَحَه ذَبحاً سريعاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فأخرج لهم الأعْرابي شاةً فسحَطُوها>‏.‏

‏{‏سحق‏}‏ * في حديث الحَوض <فأقول لهم سُحْقاً سُحْقاً> أي بُعْداً بُعْداً‏.‏ ومكان سَحيقٌ‏:‏ بَعيدٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيحديث عُمر <من يَبيعُني بها سَحْق ثَوب> السّحقُ‏:‏ الثوبُ الخَلَق الذي انْسَحق وبَلِىَ، كأنه بَعُدَ من الانْتفاع به‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قُسّ <كالنَّخْلة السَّحُوق>‏:‏ أي الطويلة التي بَعُد ثمرُها على المُجْتَني‏.‏

‏{‏سحَكَ‏}‏ * في حديث خزيمة <والعِضاه مُسْحَنْكِكاً> المُسْحَنْكِك‏:‏ الشديدُ السَّواد‏.‏ يقال اسْحَنْكَكَ الليلُ إذا اشتدّت ظُلْمتُه‏.‏ ويُرْوى مُسْتَحْنِكا‏.‏ أي مُنْقلعا من أصله‏.‏

وفي حديث المُحرق <إذا مُتُّ فاسْحَكُوني> أو قال <فاسحَقُوني> هكذا جاء في رواية، وهما بمعنىً‏.‏ ورواه بعضُهم <اسهَكُوني> بالهاء، وهو بمعناه‏.‏

‏{‏سحل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه كُفّن في ثلاثة أثواب سَحُولَّية ليس فيها قَميص ولا عمامة> يُرْوى بفتح السين وضمِّها، فالفتح منسوبٌ إلى السَّحُول، وهو القَصَّار؛ لأنه يسْحَلُها‏:‏ أي يغسِلُها، أو إلى سَحُول وهي قريةٌ باليمن‏:‏ وأما الضم فهو جمعُ سَحْل، وهو الثَّوب الأبيضُ النَّقي، ولا يكون إّلا من قُطن، وفيه شُذوذٌ لأنه نسب إلى الجمع، وقيل إنّ اسمَ القَرْية بالضم أيضا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إنّ أمّ حكيم بنت الزُّبير أتته بكَتِف، فجعلَت تسحَلُها له، فأكَل منها ثم صَلَّى ولم يتوضَّأ> السَّحْل‏:‏ القَشْر والكَشْط‏:‏ أي تكْشطُ ما عليها من اللحم‏:‏ ورُوى <فجعلَت تَسْحاها> وهو بمعناه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود <أنه افتتح سورة النساء فسَحَلَها> أي قرأها كُلَّها قِراءةً مُتَتَابعةً مُتَّصِلةً، وهو السَّحْل بمعنى السَّح والصَّب‏.‏ ويُرْوى بالجيم‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إنّ اللّه تعالى قال لأيُّوب عليه السلام: لا ينبغي لأحدٍ أن يُخَاصِمَني إلاَّ من يجعل الزِّيار في فم الأسَدِ والسّحاَل في فَمِ العَنْقاَءِ> السِّحاَلُ والمِسْحل واحدٌ، وهي الحَدِيدة التي تُجعَل في فَمِ الفَرَس ليَخْضَع، ويروى بالشين المعجمة والكافِ، وسيجيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومُنه حديث عليّ رضي اللّه عنه <إنّ بني أميَّة لا يزَالُون يطعُنُون في مِسْحَل ضلالة> أي إنهم يُسْرِعُون فيها ويَجِدُّون فيها الطعْن‏.‏ يقال طَعَن في العِنان، وطعن في مِسْحَله إذا أخذ في أمْر فيه كلامٌ ومضى فيه مُجِدّاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث معاوية <قال له عمرو بن مسعود: ما تسأل عمَّن سُحِلَت مَرِيرتُه> أي جُعِل حَبْلُه المُبْرم سَحِلا‏.‏ السَّحِيل‏:‏ الحبل الرّخو المفْتُول على طَاقٍ، والمُبْرم على طاَقَين، وهو المَرِير والمَرِيرةُ، يُريدُ استرخاَءَ قُوَّته بعد شِدَّتها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <إنّ رجُلا جاء بكَبَائِسَ من هذه السُّحَّل> قال أبو موسى‏:‏ هكذا يرويه أكثُرهم بالحاء المهملة، وهو الرُّطَب الذي لم يَتِمَّ إدراكه وقوّته، ولعله أُخذ من السَّحيلِ‏:‏ الحبل‏.‏ ويروى بالخاء المعجمة، وسيَجِيء في بابه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث بدر <فساَحَل أبو سفيان بالعِير> أي أتَى بهم ساحِلَ البحر‏.‏

‏{‏سحم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث المُلاَعَنة <إن جاءتْ به أسْحَمَ أحْتَم> الأسحَم‏:‏ الأسودُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي ذر <وعنده امرأةٌ سَحْماَء> أي سَودَاء‏.‏ وقد سُمِّى بها النِّساء‏.‏

ومنه <شَريك بن سحْماء> صاَحِب حديث اللّعان‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <قال له رجل: احْمِلني وسُحَيْماً> هو تصغير أسحم وأراد به الزِّقّ، لأنه أسْود، وأوهمه بأنه اسمُ رجل‏.‏

‏{‏سحن‏}‏ فيه ذكر <السِحَّنْة> وهي بَشَرَة الوجه وهيأَتُه وحالُه، وهي مفتوحة السين، وقد تُكْسر‏.‏ ويقال فيها السَّحْناء أيضا بالمدّ‏.‏

‏{‏سحا‏}‏ * في حديث أم حَكيم <أتَتْه بكَتِفٍ تَسْحاَها> أي تقَشِرُها وتكْشط عنها اللحم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فإذا عُرْضُ وجهه عليه السلام مُنْسَحٍ> أي مُنْقَشِر‏.‏

ومنه حديث خيبر <فخرَجُوا بمساَحِيهِم ومكاَتِلهم> المساَحِي‏:‏ جمعُ مِسْحاة، وهي المِجْرفة من الحديد، والميمُ زائدةٌ؛ لأنه من السَّحْو‏:‏ الكشْف والإزَالة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحجاج <من عسل النَّدْغ والسِّحاء> الِنَّدْغ بالفتح والكسر‏:‏ السَّعْتَر البَرِّي‏.‏ وقيل شَجَرة خضْراء لها ثمرة بيضاَء‏.‏ والسِّحاء بالكسر والمدّ‏:‏ شجرة صغيرةٌ مثل الكَفّ لها شَوكٌ وزهْرة حمراءُ في بياض تُسَّمى زَهْرتها البَهْرَمة، وإنما خص هذين النَّبتَين لأن النَّحْل إذا أكَلَتهما طاب عسَلُها وجاد‏.‏

 باب السين مع الخاء

‏{‏سحب‏}‏ * فيه <حضَّ النِّساءَ على الصَّدَقة، فجعلت المرأةُ تلقى والسِّخاَب> هو خَيطٌ يُنْظم فيه خَرَز ويلْبَسه الصِّبيان والجَوَاري‏.‏ وقيل هو قِلادَة تُتَّخذ من قَرَنفُل ومَحْلب وَسُكٍ ونحوه، وليس فيها من اللُّؤْلؤ والجوهر شىءٌ‏.‏

ومنه حديث فاطمة رضي اللّه عنها <فألبَسَتْه سِخاَبا> أي الحَسَن ابنهاَ‏.‏

والحديث الآخر <إنّ قَوماً فَقَدوا سِخاَب فَتَاتِهم فاتَّهمُوا به امْرأةً>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن الزبير <وكأنَّهم صِبْيانٌ يمْرُثُون سُخُبَهم> هي جمعُ سِخاب‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث المنافقين <خُشُبٌ بالنهار> أي إذا جَنَّ عليهم الليلُ سقَطوا نِياماً كأنهم خُشُب، فإذا أصْبحوا تَساخَبُوا على الدنيا شُحّاً وحِرصاً‏.‏ والسَّخَب والصَّخَب‏:‏ بمعنى الصِياح‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏سخبر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن الزبير <قال لمُعاوية: لا تُطْرِق إطْراق الأُفُغوان في أصل السَّخْبَر> هو شجر تَألُفه الحيَّات فتَسكن في أُصوله، الوحدة سَخْبَرة، يُريدُ لا تتَغافل عما نحن فيه‏.‏

‏{‏سخد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث زيد بن ثابت رضي اللّه عنه <كان يُحْيي ليلة سبع عشْرة(في الهروي: ليلة سبع وعشرين من رمضان) من رمضان، فيُصبح وكأنَّ السُّخْدَ على وجهْه> هو الماءُ الأصفر الغليظُ الذي يَخرُج مع الوَلَد إذا نُتِجَ شَبَّه ما بِوَجْهه من التَّيُّج بالسُّخْد في غِلَظه من السَّهر‏.‏

‏{‏سخر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أتسخَرُ منّي وأنتَ المَلِك (في اللسان وتاج العروس <وأنا الملك> أي أتَسْتَهْزِي بي‏؟‏ وإطلاقُ ظاهره على اللّه لا يجوزُ، وإنما هو مجازٌ بمعنى أتَضعني فيما لا أُراه من حقِّي، فكأنها صورةُ السُّخْرية‏.‏ وقد تكرر ذكر السُّخْرية ‏[‏في الحديث ‏(‏الزياة من أ‏)‏‏]‏ والتَّسخِير، بمعنى التكليف والحْمل على الفعل بغير أُجْره‏.‏ تقول من الأوّل‏:‏ سِخرت منه وبه أسْخَر سَخَرا بالفتح والضم في السين والخاء‏.‏ والاسمُ الِسُّخْريّ بالضم والكسر، والسُّخْريّة، وتقول من الثاني‏:‏ سخَّره تسْخيرا، والأسمُ السُّخْرَي بالضم، والسُّخرة‏.‏

‏{‏سخط‏}‏ * في حديث هِرَقْل <فهل يَرْجع أحدٌ منهم سَخْطه لِدينه> السَّخْط والسُّخط‏:‏ الكَراهيةُ للشيء وعدُم الرِضا به‏.‏

ومنه الحديث <إن اللّه يَسْخَط لكم كذا> أي يكرَهُه لكم ويمنَعُكم منه ويعاقبكُم عليه، أو يرجع إلى إرادة العُقوبة عليه‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏سخف‏}‏ * في إسلام أبي ذر <أنه لَبث أياما فما وجَد سَخْفة جُوع> يعني رِقَّته وهُزاله‏.‏ والسَّخَف بالفتح‏.‏ رِقة العيش‏.‏ وبالضم رقَّةُ العقل‏.‏ وقيل هي الخفَّة التي تَعْتَري الإِنسان إذا جاع، من السّخف وهي الخفَّة في العقل وغيره‏.‏

‏{‏سخل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه خرَج إلى ينْبُع حين وادَعَ بني مُدْلِج، فأهدَت إليه امرأةٌ رُطَبا سُخَّلا فقَبله> السُّخّل بضم السين وتشديد الخاء‏:‏ الشِيصُ عند أهل الحِجازِ‏.‏ يقولون سخَّلتِ النّخلةُ إذا حَملت شِيصاً‏.‏

ومنه الحديث الآخر <إن رجُلا جاء بكَبائس من هذه السُّخَّل> ويروى بالحاء المهملة‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كأنِّي بجبَّار يَعْمِدُ إلى سَخْلِي فيقْتُلُه> السَّخْل‏:‏ الموْلودُ المحبَّبُ إلى أبَويه‏.‏ وهو في الأصل ولدُ الغنم‏.‏

‏{‏سخم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <اللهم اسلُلْ سَخِيمة قَلبي> السَّخمةُ‏:‏ الحقد في النفس‏.‏

وفي حديث آخر <اللهم إنَّا نعوذُ بك من السَّخيمة>‏.‏

ومنه حديث الأحنف <تَهاَدَوا تَذْهَب الإحَنُ والسَّخائم> أي الحُقود، وهي جمعُ سَخيمة‏.‏

وفيه <من سلَّ سخيمة على طريق من طُرُق المسلمين فعليه لعنةُ اللّه> يعني الغائطَ والنَّجْو ‏(‏زاد الهروي‏:‏ <في حديث عمر رضي اللّه عنه في شاهد الزور > يُسَخَّمُ وَجْهُهُ> أي يُسَوَّد‏.‏ وقال الأصمعيّ‏:‏ السُّخام‏:‏ الفحم‏.‏ ومنه قيل‏:‏ سَخَّمَ اللّهُ وجههَ‏.‏ قال شَمِر‏:‏ السُّخَام‏:‏ سواد القِدر> أ ه وهذا الحديث ذكره السيوطي في الدر النثير عن ابن الجوزي‏.‏ وانظره في اللسان ‏(‏سخم‏)‏ ‏)‏‏.‏

‏{‏سخن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث فاطمة رضي اللّه عنها <أنها جاءت النبي صلى اللّه عليه وسلم بِبُرْمة فيها سخينة> أي طعامٌ حارٌّ يتَّخذُ من دَقيق وسَمن‏.‏ وقيل دَقيق وتَمْر، أغْلَظ من الحَساء وأرقّ من العَصيدة‏.‏ وكانت قُريش تُكْثِر من أكْلِها، فُعيِّرت بها حتى سُمُّوا سَخينة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه دخل على عمِّه حَمْزة فصُنِعَت لهم سخينة فأكلوا منها>‏.‏

ومنه حديث الأحنف ومعاوية <قال له: ما الشىءُ المُلَفَّفُ في البِجاَد؟ قال: السَّخِينة يا أميرَ المُؤمنين> وقد تقَدَّم‏.‏

وفي حديث معاوية بن قُرَّة <شَرُّ الشِّتَاء السَّخِينُ> أي الحارُّ الذي لا بَرْد فيه‏.‏ والَّذي جاء في غَرِيب الحَرْبي <شَرُّ الشتاء السُّخَيْخينُ> وشرحه‏:‏ أنّه الحارُّ الذي لا بَرْد فيه، ولعلَّه من تَحْرِيف بْعض النَّقَلة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي الطُّفَيل <أقبلَ رهْطٌ معهم امرَأةٌ، فخرجوا وتركوها مع أحَدهم، فشَهد عليه رجُل منهم، فقال: رأيتُ سَخينَتيه تضْرِب اسْتَها> يعني بَيْضَتَيْه، لَحِرارَتِهما‏.‏

وفي حديث واثلة <أنه عليه السلام دعا بقُرْص فكَسَره في صحفه وصنَع فيها ماءً سُخْنا> ماء سُخْن بضم السين وسُكُون الخاء‏:‏ أي حارٌّ‏.‏ وقد سخُن الماء وسَخَن وسَخِن‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه قال له رجلٌ: يا رسول اللّه هل أُنْزِل عليك طَعاَمٌ من السَّماء؟ فقال: نعَم أُنْزِل علىَّ طعام في مِسْخَنَة> هي قِدْر كالتَّوْر ‏(‏التور‏:‏ إناء يشرب فيه، مذكر‏)‏ يُسَخَّنُ فيها الطَّعام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث <أنه أمرَهم أن يمسَحُوا على المَشاَوِذ والتَّساخِين> التَّسَاخِينُ‏:‏ الخِفاَف، ولا واحدَ لها من لفْظِها‏.‏ وقيل واحدُها تَسْخان وتَسْخين‏.‏ هكذا شُرح في كتُب اللُّغة والغَرِيب‏.‏ وقال حمزةُ الأصفهاني في كِتاب المُوَازَنة‏:‏ التَّسخَان تعريب تَشْكَن، وهو اسْم غِطاَء من أغْطِية الرَّأسِ، كان العُلماء والمَوَابِذَةُ يأخُذُونه على رُؤُسهم خاصَّة دون غَيرهم‏.‏ قال‏:‏ وجاء ذكر التَّساخين في الحديث فقال من تَعاطَى تفسيرَه‏:‏ هو الخُفُّ، حيث لم يعرف فارِسيته‏.‏ وقد تقدَّم في حرف التاء‏.‏